الحسيمة.. تساؤلات مشروعة حول غياب الشفافية وتكافؤ الفرص في إبرام الصفقات العمومية!

في الوقت الذي يتطلع فيه شباب وأرباب الأسر بإقليم الحسيمة إلى تحسين أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية، تتزايد يوماً بعد يوم مؤشرات مثيرة للقلق بشأن طريقة تدبير عدد من الصفقات العمومية والخاصة في الإقليم، وسط غياب معايير الشفافية وتكافؤ الفرص، ما يعمق الإحساس بالإقصاء والتهميش. فقد بات من الملاحظ أن شركات جديدة، سواء تابعة لمؤسسات عمومية أو مرتبطة بفاعلين في القطاع الخاص، تُحدث وتُبرم صفقاتها في كنف من الغموض، مع تجديد تلقائي لعقودها دون فتح الباب أمام المنافسة أو الإعلان عن طلبات عروض واضحة. الأمر الذي يطرح أكثر من علامة استفهام حول مدى احترام القوانين المؤطرة للصفقات العمومية، ومبدأ المساواة في الولوج إلى الفرص الاقتصادية. ويستغرب متابعون محليون كيف أن هذه الشركات، رغم اشتغالها فوق تراب الحسيمة وباستعمال موارد عمومية، لا تُولي اعتباراً للطاقات المحلية، ولا تفتح فرص شغل حقيقية أمام أبناء الإقليم، الذين يرزح الكثير منهم تحت وطأة البطالة وتكاليف الحياة المرتفعة من كراء، ومعيشة، وتربية الأبناء. ولعل ما زاد من حدة الاستياء، ما تم تداوله مؤخراً بشأن إسناد مهام مرتبطة بتزيين المدينة وتركيب تجهيزات المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، لشخص تم استقدامه من خارج الإقليم دون خبرة واضحة في المجال، ليُمنح كامل الصلاحيات والصفقات، على حساب كفاءات محلية متمكنة. وتفيد مصادر مطلعة أن هذا الشخص استفاد من فواتير ضخمة مقابل خدمات متواضعة، وراكم ثروات سريعة تجلت في شراء عقارات وسيارات، في وقت تعاني فيه الساكنة من ضيق العيش وانعدام الفرص. هذا الواقع المقلق يعيد إلى الواجهة مطلباً ملحاً بضرورة إخضاع كل الصفقات العمومية، والمبادرات الممولة من المال العام، للمراقبة والمساءلة، مع ضمان الانفتاح على الكفاءات المحلية وتمكينها من نصيبها العادل في التنمية. إن إقليم الحسيمة لا يحتاج إلى حلول ترقيعية أو واجهات تجميلية مؤقتة، بل إلى عدالة اقتصادية حقيقية تضمن تكافؤ الفرص، وتعيد الثقة للمواطن في مؤسسات دولته. ويبقى السؤال قائماً: إلى متى سيستمر هذا العبث؟ وأين هي الجهات المسؤولة من حماية المال العام وضمان مبدأ الإنصاف في توزيع الفرص؟